خبرني - بيتك يا ستي الختيارة بيذكرني ببيت ستي
تبقى ترندحلي أشعارها والدنيي عم بتشتي
يوك وفرشات وديوان عتق الباب وهالحيطان
دارِك متل دارها يا ستي الختيارة
فعلاً أغنية فيروز تعيدني لزمن جميل لبيوت جميلة لعقود وبيوت قديمة عتيقة عتق القرية والضيعة والحارة والوطن هل نادت عليكم وحركت ذاكرتكم ومشاعركم ففي جدرانها رائحة قهوة تتحمص وعيد وحصاد وسواليف وراديو كبير كان يرندح لناظم الغزالي يا أم العيون السود ما جوزن أنا خدك القيمر وأنا تريق منا وقصص جميلة وعذوبة صوت ربابة ورائحة بيوت الطين وطعم حبات التين عندما يتشقشق معلناً أستواءه في آب وصباحات ربيعية حملها نيسان تعلقت على جدران ودفء تلك البيوت بيوم شتائي قارص ورائحة شوي بلوط وتحميص قلية وأفران الطابون تعلن ولادة النهار في جدران تلك البيوت العتيقة خبأنا العمر وزرعنا أحواضها زهور ورياحين فعمرنا الحالي وربيع قادم يحمل بين جنباته خبيزة وعلت ودريهمة وشماليخ وطيون وفطاير كشك وزعتر .... ها وقد غزا الشيب المفرق من عمر جدران البيت العتيق ذاكرة طفولة ومدرسة وحصاد وفير ومحل وثلجة وحرب وفلسطين وفرح وحزن وأبطال جذرتهم جدتي بذاكرتي من الزير سالم وعنترة وسيف ذي يزن وتلاعبنا وتنشد معانا حدرج بدرج ناقة بتعرج فلكل زاوية في البيت العتيق في قلبي حكاية وأنشودة كانت تنام معنا وتصحو على صوت صياح الديك وفطور وبيض بلدي مقلي بالسمنة البلدية ولبنة دحبرتها يد أمهات لاحقن المواسم ...ما أصعب وداع الأمكنة فالأمكنة تمرض وراء أصحابها وتجف أحواض زرعيتها وتغبر شجرة التين ويأكل الصدأ شبابيك البيوت ويخفت النور فيها بعد الرحيل وتبدو المنازل المهجورة كالمرأة المسنة بيضاء الشعر محنية الظهر شاحبة الوجه فالأمكنة تبكي ولكن لا يسمع بكاء الأمكنة إلا من عاش فيها وشرب من دلو مائها ونام على سطوح بيوتها في يوم صيفي حار .فان قررتم يوما مغادرة بيوتكم القديمة لاتبيعوها بل رمموها فهي مخزون الذاكرة وصوت الجد والأب والأم والجدة فلا تؤذوا مشاعرها وأنتم ترتبون حقائبكم للرحيل عنها فللبيوت أعين وقلوب .....وحسب قول فيروز
بواب العتيقة عم تلوّحلي وصوت النهورا ينده الغيّاب
وعيون عشبابيك تشرحلي صحاب عم بتقول نحنا صحاب
وإمشي على طرقات منسيّه دنية غياب ورح يبيت الطير
انطر شي إيد تسلّم عليي شي صوت عم بيقول... مسا الخير
خدني ازرعني بأرض لبنان بالبيت يلي ناطر التلّي
إفتح الباب وبوّس الحيطان وإركع تحت أحلى سما وصلي
ومن شعر عبد الرزاق عبد الواحد
لاتسأل..!
لا تسألِ الدارَ عنْ من كان يسكُنها
البابُ يُخبرُ أن القوم قد رحلوا
ما أبلغ الصمت لمّا جئتُ أسأله
صمتٌ يعاتبُ من خانوه وَ ارتحلوا
يا طارق البابِ رفقاً حين تطرقهُ
فإنَّه لم يعد في الدار أصحابُ
تفرقوا في دروبِ الأرض وَ انتثروا
كأنه لم يكن أنسٌ وَ أحبـــــــابُ
ارحم يديك فما في الدارِ من أحدٍ
لا ترجُ رداً فأهلُ الودِ قد راحوا
وَ لترحم الدار لا تُوقظ مواجعها
للدور روحٌ كما للناس أرواحُ
الصورة من خمسينات القرن الماضي عقد من عقود مدينة الحصن لبيت من عائلة الريحاني الحصناوية




